جاء إلى الدنيا غير عابئ بشيء، لأسرة متوسطة الحال، ينعم برعاية كاملة من والديه، وتمر الأيام والسنون ويتدرج الطفل في مراحل التعليم حتى وقع ما لم يكن في الحسبان، ويتحول ذلك المشهد إلى نقطة تحول فارقة في حياته.
خرج الأب إلى عمله مودعًا أهل المنزل كعادته، بينما كان "محمد. ع" في الـ11عامًا من عمره، داخل البيت الذي شهد مولده ونشأته، وكانت الفاجعة برؤيته لوالدته في أحضان رجل آخر غير والده، وازداد الأمر سوءًا باكتشافه لهوية ذلك الشخص الذي لم يتوقع لبرهة أن يكون نجل عمه "عبد الناصر. م".
وقف الطفل في مكانه مثل الأصنام لا يستطيع التحرك قيد أنملة، والدته على الفراش مع نجل عمه، وبينما كانت أصوات الضحك الممزوجة بالخيانة تخرج من تلك الغرفة، ذهب الابن إلى غرفته وقضى ليلته يسترجع ذلك المشهد بين اللحظة والأخرى.
لم يتوقف "محمد" عن التخطيط للانتقام من نجل عمه، لكن فارق السن وقف حائلاً دون إتمام تلك المهمة، حيث أنه لا يزال صغيرًا على التخلص من نجل عمه صاحب الـ22 عامًا وقتها، لكنه أيقن أن الانتقام قادم لا محالة.
وكما يقول المثل الشائع "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، عوقب عبد الناصر بالسجن لمدة 8 أعوام على خلفية اتهامه في قضية "الشروع في قتل"، ليرى الطفل الصغير أن ضحيته أفلتت من قبضته.
ولأن المصائب لا تأت فرادى، توفى والد محمد، وأصبحت الأم هي العائل الوحيد للأسرة، وحرصت على توفير نفقات الحياة لأبنائها.
وفي مشهد سينمائي، تحلى الشاب بقدر وافٍ من الشجاعة، وواجه والدته بما شاهدته عينيه في طفولته، وأخبرها بأنه لم ينس قط خيانتها لوالده، وأقامتها لعلاقة محرمة مع نجل عمه في غياب الزوج، بل وانهال عليها بالضرب، لكنها أكدت أنها قطعت علاقتها به عقب خروجه من السجن.
الانتقام
جلس "محمد. ع"، 35 عامًا، سباك، يخطط لكيفية تنفيذ جريمته التي حلم بها طوال 24 عامًا، وكانت المعضلة في كيفية استدراج الضحية دون لفت انتباه أحد.
ونجح "محمد" في استدراج نجل عمه -مبيض محارة- إلى منطقة جزيرة الذهب بالجيزة، وذلك بمعاونة أحد أصدقائه، الذي طلب منه الذهاب إلى مسرح الجريمة، كي يتم اللقاء بشكل مفاجئ وليس مرتبًا.
"ايه الصدفة دي، الدنيا ضيقة، واحشني يا بن عمي".. بهذه الكلمات تظاهر "محمد" بسعادته لرؤية نجل عمه، وجلسا سويًا يتبادلان أطرف الحديث، لكن الأول ينتظر اللحظة الحاسمة لينقض فيها على ضحيته حتى "يغسل عاره"، وأخرج سلاح أبيض -مطواة- من طيات ملابسه، وسدد طعنات نافذة، سقط على إثرها المجني عليه غارقًا في بركة من الدماء.
الشرطة تكشف الجريمة
تلقى العميد درويش حسين، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، إخطارًا من غرفة النجدة بالعثور على جثة شاب في العقد الخامس من العمر بشارع أبو بكر.
وانتقل على الفور المقدم علاء فتحي، رئيس مباحث الجيزة، والقوة المرافقة إلى محل البلاغ، وعُثر على جثة "عبد الناصر. م"، 45 عامًا، مبيض محارة، وبها آثار طعنات نافذة بالرقبة والصدر.
وتم تشكيل فريق بحث قاده العقيد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، توصلت جهوده إلى أن الجاني نجل عمه يُدعى "محمد. ع"، 35 عامًا، سباك؛ بسبب خلافات على الميراث.
وعقب تقنين الإجراءات، أمكن ضبط المتهم، واعترف بارتكاب الجريمة بسبب خلافات الميراث، لكن بتطوير مناقشته، تبين أن دافع الانتقام وراء الحادث؛ بسبب علاقة غير شرعية جمت بين والدته والضحية.
وأمرت نيابة حوادث جنوب الجيزة، برئاسة المستشار حسام نصار، بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق، بعدما وجهت له تهمة القتل.
Enregistrer un commentaire